فصل: قال ابن الجوزي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الفخر:

فعل: آمن إذا عدِّي بالباء:
لا نزاع بين أصحابنا وبين المعتزلة في أن الإيمان إذا عدي بالباء فالمراد منه التصديق، فإذا قلنا فلان آمن بكذا، فالمراد أنه صدق به ولا يكون المراد أنه صام وصلى، فالمراد بالإيمان هاهنا التصديق بالأَتفاق لكن لابد معه من المعرفة لأن الإيمان هاهنا خرج مخرج المدح والمصدق مع الشك لا يأمن أن يكن كاذبًا فهو إلى الذم أقرب. اهـ.
قال الفخر:
المراد من إنزال الوحي:
المراد من إنزال الوحي وكون القرآن منزلًا، ومنزلًا، ومنزولًا به، أن جبريل عليه السلام سمع في السماء كلام الله تعالى فنزل على الرسول به، وهذا كما يقال: نزلت رسالة الأمير من القصر، والرسالة لا تنزل لكن المستمع يسمع الرسالة من علو فينزل ويؤدي في سفل.
وقوله الأمير لا يفارق ذاته، ولكن السامع يسمع فينزل ويؤدي بلفظ نفسه، ويقال فلان ينقل الكلام إذا سمع في موضع وأداه في موضع آخر.
فإن قيل كيف سمع جبريل كلام الله تعالى، وكلامه ليس من الحروف والأصوات عندكم؟ قلنا يحتمل أن يخلق الله تعالى له سمعًا لكلامه ثم أقدره على عبارة يعبر بها عن ذلك الكلام القديم، ويجوز أن يكون الله خلق في اللوح المحفوظ كتابة بهذا النظم المخصوص فقرأه جبريل عليه السلام فحفظه، ويجوز أن يخلق الله أصواتًا مقطعة بهذا النظم المخصوص في جسم مخصوص فيتلفقه جبريل عليه السلام ويخلق له علمًا ضروريًا بأنه هو العبارة المؤدية لمعنى ذلك الكلام القديم. اهـ.
قال الفخر:
قوله: {والذين يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ} هذا الإيمان واجب، لأنه قال في آخره: {وأولئك هُمُ المفلحون} [البقرة: 5] فثبت أن من لم يكن له هذا الإيمان وجب أن لا يكون مفلحًا، وإذا ثبت أنه واجب وجب تحصيل العلم بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم على سبيل التفصيل، لأن المرء لا يمكنه أن يقوم بما أوجبه الله عليه علمًا وعملًا إلا إذا علمه على سبيل التفصيل، لأنه إن لم يعلمه كذلك امتنع عليه القيام به، إلا أن تحصيل هذا العلم واجب على سبيل الكفاية، فإن تحصيل العلم بالشرائع النازلة على محمد صلى الله عليه وسلم على سبيل التفصيل غير واجب على العامة، وأما قوله: {وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ} فالمراد به ما أنزل على الأنبياء الذين كانوا قبل محمد، والإيمان به واجب على الجملة، لأن الله تعالى ما تعبدنا الآن به حتى يلزمنا معرفته على التفصيل، بل إن عرفنا شيئًا من تفاصيله فهناك يجب علينا الإيمان بتلك التفاصيل. اهـ.
قوله تعالى: {وبالآخرة هُمْ يُوقِنُونَ}.

.قال أبو السعود:

{وبالآخرة هُمْ يُوقِنُونَ} الإيقانُ إتقانُ العلم بالشيء بنفي الشكِّ والشبهةِ عنه، ولذلك لا يُسمَّى علمُه تعالى يقينًا، أي يعلمون علمًا قطعيًا مُزيحًا لما كان أهلُ الكتاب عليه من الشكوك والأوهام التي من جملتها زعمُهم أن الجنة لا يدخُلها إلا من كان هودًا أو نصارى، وأن النارَ لن تمسَّهم إلا أيامًا معدوداتٍ، واختلافُهم في أن نعيمَ الجنة هل هو من قبيل نعيم الدنيا أو لا، وهل هو دائم أو لا، وفي تقديم الصلة وبناءِ {يوقنون} على الضمير تعريضٌ بمن عداهم من أهل الكتاب، فإن اعتقادَهم في أمور الآخرة بمعزل من الصحة فضلًا عن الوصول إلى مرتبة اليقين. والآخرةُ تأنيثُ الآخِر، كما أن الدنيا تأنيثُ الأدنى، غَلَبتا على الدارين فجرَتا مجرى الأسماء، وقرئ بحذف الهمزة وإلقاءِ حركتها على اللام، وقرئ يؤقنون بقلب الواو همزة، إجراءً لضم ما قبلها مجرى ضمِّها في وجوه ووقتت، ونظيره ما في قوله:
لحب المؤقدان إلى مؤسى ** وجعدة إذ أضاءهما الوقود

.قال الألوسي:

والآخرة تأنيث الآخر اسم فاعل من أخر الثلاثي بمعنى تأخر وإن لم يستعمل كما أن الآخر بفتح الخاء اسم تفضيل منه وهي صفة في الأصل كما في {الدار الآخرة} [القصص83] و{يُنشِئ النشأة الآخرة} [العنكبوت: 0 2] ثم غلبت كالدنيا.
والوصف الغالب قد يوصف به دون الاسم الغالب فلا يقال قيد أدهم للزوم التكرار في المفهوم وهو وإن كان من الدهمة إلا أنه يستعمله من لا تخطر بباله أصلًا فافهم.
وقد تضاف الدار لها كقوله تعالى: {وَلَدَارُ الآخرة} [يوسف: 109] أي دار الحياة الآخرة وقد يقابل بالأولى كقوله سبحانه وتعالى: {لَهُ الحمد في الأولى والأخرة} [القصص: 70] والمعنى هنا الدار الآخرة أو النشأة الآخرة والجمهور على تسكين لام التعريف وإقرار الهمزة التي تكون بعدها للقطع، وورش يحذف وينقل الحركة إلى اللام {والإيقان} التحقق للشيء كسكونه ووضوحه يقال يقن الماء إذا سكن وظهر ما تحته وهو واليقين بمعنى خلافًا لمن وهم فيه.
قال الجوهري: اليقين العلم وزوال الشك يقال منه يقنت بالكسر يقينًا وأيقنت واستيقنت كلها بمعنى، وذهب الواحدي وجماعة إلى أنه ما يكون عن نظر واستدلال فلا يوصف به البديهي ولا علم الله تعالى.
وذهب الإمام النسفي وبعض الأئمة إلى أنه العلم الذي لا يحتمل النقيض، وعدم وصف الحق سبحانه وتعالى به لعدم التوقيف، وذهب آخرون إلى أنه العلم بالشيء بعد أن كان صاحبه شاكًا فيه سواء كان ضروريًا أو استدلاليًا، وذكر الراغب أن اليقين من صفة العلم فوق المعرفة والدراية وأخواتها يقال علم يقين ولا يقال معرفة يقين وهو سكون النفس مع ثبات الحكم، وفي الأحياء والقلب إليه يميل أن اليقين مشترك بين معنيين.
الأول عدم الشك فيطلق على كل ما لا شك فيه سواء حصل بنظر أو حس أو غريزة عقل أو بتواتر أو دليل هذا لا يتفاوت.
الثاني وهو ما صرح به الفقهاء والصوفية وكثير من العلماء وهو ما لا ينظر فيه إلى التجويز والشك بل إلى غلبته على القلب حتى يقال فلان ضعيف اليقين بالموت وقوي اليقين بإثبات الرزق فكل ما غلب على القلب واستولى عليه فهو يقين وتفاوت هذا ظاهر، وقرأ الجمهور: {هُمْ يُوقِنُونَ} بواو ساكنة بعد الياء وهي مبدلة منها لأنه من أيقن وقرأ النميري بهمزة ساكنة بدل الواو وشاع عندهم أن الواو إذا ضمت ضمة غير عارضة كما فصل في العربية يجوز إبدالها همزة كما قيل في وجوه جمع وجه أجوه فلعل الإبدال هنا لمجاورتها للمضموم فأعطيت حكمه وقد يؤخذ الجار بظلم الجار، وغاير سبحانه بين الإيمان بالمنزل والإيمان بالآخرة فل يقل وبالآخرة هم يؤمنون دفعًا لكلفة التكرار أو لكثرة غرائب متعلقات الآخرة وما أعد فيها من الثواب والعقاب وتفصيل أنواع التنعيم والتعذيب ونشأة أصحابهما على خلاف النشأة الدنيوية مع إثبات المعاد الجسماني كيفما كان إلى غير ذلك مما هو أغرب من الإيمان بالكتاب المنزل حتى أنكره كثير من الناس وخلا عن تفاصيله على ما عندنا التوراة والإنجيل فليس في الأول على ما في شرح الطوالع ذكر المعاد الجسماني وإنما ذكر في كتب حزقيل وشعياء والمذكور في الإنجيل إنما هو المعاد الروحاني فناسب أن يقرن هذا الأمر المهم الغريب الذي حارت عقول الكثيرين في إثباته وتهافتوا على إنكاره تهافت الفراش على النار بالإيقان وهو هو إظهارًا لكمال المدح وإبداءً لغاية الثناء، وتقديم المجرور للإشارة إلى أن إيقانهم مقصور على حقيقة الآخرة لا يتعداها إلى خلاف حقيقتها مما يزعمه اليهود مثلًا حيث قالوا: {لَن يَدْخُلَ الجنة إِلاَّ مَن كَانَ هُودًا} [البقرة: 111] {وَلاَ تَمَسَّنَا النار إِلاَّ أَيَّامًا مَّعْدُودَةً} [البقرة: 80] وزعموا أنهم يتلذذون بالنسيم والأرواح إذ ليس ذلك من الآخرة في شيء وفي بناء يوقنوه على {هُمْ} إشارة إلى أن اعتقاد مقابليهم في الآخرة جهل محض وتخييل فارغ وليسوا من اليقين في ظل ولا فيء. اهـ.

.قال ابن عاشور:

والآخرة في اصطلاح القرآن هي الحياة الآخرة فإن الآخرة صفة تأنيث الآخر بالمد وكسر الخاء وهو الحاصل المتأخر عن شيء قبله في فعل أو حال، وتأنيث وصف الآخرة منظور فيه إلى أن المراد إجراؤه على موصوف مؤنث اللفظ حُذف لكثرة استعماله وصيرورته معلومًا وهو يقدر بالحياة الآخرة مراعاة لضده وهو الحياة الدنيا أي القريبة بمعنى الحاضرة، ولذلك يقال لها العاجلة ثم صارت الآخرة علمًا بالغلبة على الحياة الحاصلة بعد الموت وهي الحاصلة بعد البعث لإجراء الجزاء على الأعمال.
فمعنى: {وبالآخرة هم يوقنون} أنهم يؤمنون بالبعث والحياة بعد الموت.
واليقين هو العلم بالشيء عن نظر واستدلال أو بعد شك سابق ولا يكون شك إلا في أمر ذي نظر فيكون أخص من الإيمان ومن العلم.
واحتج الراغب لذلك بقوله تعالى: {لو تعلمون علم اليقين لترون الجحيم} [التكاثر: 6، 7] ولذلك لا يطلقون الإيقان على علم الله ولا على العلوم الضرورية وقيل: هو العلم الذي لا يقبل الاحتمال وقد يطلق على الظن القوي إطلاقًا عرفيًا حيث لا يخطر بالبال أنه ظن ويشتبه بالعلم الجازم فيكون مرادفًا للإيمان والعلم.
فالتعبير عن إيمانهم بالآخرة بمادة الإيقان لأن هاته المادة، تشعر بأنه علم حاصل عن تأمل وغوص الفكر في طريق الاستدلال لأن الآخرة لما كانت حياة غائبة عن المشاهدة غريبة بحسب المتعارف وقد كثرت الشبه التي جرت المشركين والدهريين على نفيها وإحالتها، كان الإيمان بها جديرًا بمادة الإيقان بناء على أنه أخص من الإيمان، فلإيثَار {يوقنون} هنا خصوصية مناسبة لبلاغة القرآن، والذين جعلوا الإيقان والإيمان مترادفين جعلوا ذكر الإيقان هنا لمجرد التفنن تجنبًا لإعادة لفظ {يؤمنون} بعد قوله: {والذين يؤمنون بما أنزل إليك}.
وفي قوله تعالى: {وبالآخرة هم يوقنون} تقديم للمجرور الذي هو معمول {يوقنون} على عامله، وهو تقديم لمجرد الاهتمام مع رعاية الفاصلة، وأرى أن في هذا التقديم ثناء على هؤلاء بأنهم أَيقنوا بأَهم ما يوقن به المؤمن فليس التقديم بمفيد حصرًا إذ لا يستقيم معنى الحصر هنا بأن يكون المعنى أنهم يوقنون بالآخرة دون غيرها، وقد تكلف صاحب الكشاف وشارحوه لإفادة الحصر من هذا التقديم ويخرج الحصر عن تعلقه بذات المحصور فيه إلى تعلقه بأحواله وهذا غير معهود في الحصر.
وقوله: {هم يوقنون} جيء بالمسند إليه مقدمًا على المسند الفعلي لإفادة تقوية الخبر إذ هو إيقان ثابت عندهم من قبل مجيء الإسلام على الإجمال، وإن كانت التوراة خالية عن تفصيله والإنجيل أشار إلى حياة الروح، وتعرض كتابا حزقيال وأشعياء لذكره وفي كلا التقديمين تعريض بالمشركين الدهريين ونداء على انحطاط عقيدتهم، وأما المتبعون للحنيفية في ظنهم مثل أمية بن أبي الصلت وزيد بن عمرو بن نُفيل فلم يلتفت إليهم لقلة عددهم أو لأنهم ملحقون بأهل الكتاب لأخذهم عنهم كثيرًا من شرائعهم بعلة أنها من شريعة إبراهيم عليه السلام. اهـ.

.قال الفخر:

اليقين هو العلم بالشيء بعد أن كان صاحبه شاكًا فيه، فلذلك لا يقول القائل: تيقنت وجود نفسي، وتيقنت أن السماء فوقي لما أن العلم به غير مستدرك، ويقال ذلك في العلم الحادث بالأمور سواء كان ذلك العلم ضروريًا أو استدلاليًا، فيقول القائل: تيقنت ما أردته بهذا الكلام وإن كان قد علم مراده بالاضطرار، ويقول تيقنت أن الإله واحد وإن كان قد علمه بالاكتساب؛ ولذلك لا يوصف الله تعالى بأنه يتيقن الأشياء. اهـ.

.قال ابن الجوزي:

قوله تعالى: {يوقنون} اليقين: ما حصلت به الثقة وثلج به الصدر، وهو أبلغ علم مكتسب. اهـ.

.قال الفخر:

إن الله تعالى مدحهم على كونهم متيقنين بالآخرة، ومعلوم أنه لا يمدح المرء بأن يتيقن وجود الآخرة فقط، بل لا يستحق المدح إلا إذا تيقن وجود الآخرة مع ما فيها من الحساب والسؤال وإدخال المؤمنين الجنة، والكافرين النار.
روى عنه عليه السلام أنه قال: «يا عجبا كل العجب من الشاك في الله وهو يرى خلقه، وعجبًا ممن يعرف النشأة الأولى ثم ينكر النشأة الآخرة، وعجبًا ممن ينكر البعث والنشور وهو في كل يوم وليلة يموت ويحيا يعني النوم واليقظة وعجبًا ممن يؤمن بالجنة وما فيها من النعيم ثم يسعى لدار الغرور، وعجبًا من المتكبر الفخور وهو يعلم أن أوله نطفة مذرة وآخره جيفة قذرة». اهـ.

.قال السمرقندي:

اليقين على ثلاثة أوجه: يقين عيان، ويقين خبر، ويقين دلالة.
فأما يقين العيان: إذا رأى شيئًا، زال عنه الشك في ذلك الشيء.
وأما يقين الدلالة: هو أن يرى دخانًا يرتفع من موضع، يعلم باليقين أن هناك نارًا وإن لم يرها.
وأما يقين الخبر: فإن الرجل يعلم باليقين أن في الدنيا مدينة يقال لها بغداد، وإن لم يكن يعاينها.
فهاهنا يقين خبر، ويقين دلالة، أن الآخرة حق ولكن تصير معاينة عند الرؤية. اهـ.

.قال في روح البيان:

ثمرة اليقين بالآخرة الاستعداد لها فقد قيل عشرة من المغرورين من أيقن أن الله خالقه ولا يعبده ومن أيقن أن الله رازقه ولا يطمئن به ومن أيقن أن الدنيا زائلة ويعتمد عليها ومن أيقن أن الورثة أعداؤه ويجمع لهم:
ومن أيقن أن الموت آت فلا يستعد له ومن أيقن أن القبر منزله فلا يعمره ومن أيقن أن الديان يحاسبه فلا يصحح حجته ومن أيقن أن الصراط ممره فلا يخفف ثقله ومن أيقن أن النار دار الفجار فلا يهرب منها ومن أيقن أن الجنة دار الأبرار فلا يعمل لها كما في التيسير.
قال ذو النون المصري: اليقين داع إلى قصر الأمل وقصر الأمل يدعو إلى الزهد والزهد يورث الحكمة والحكمة تورث النظر في العواقب.
وذكر في التأويلات النجمية أن من تخلص من ذل الحجاب الوجودي يجد عزة الإيقان بالأمور الأخروية وكان مؤمنًا بها من وراء الحجاب فصار موقنًا بها بعد رفع الحجاب كما قال أمير المؤمنين على كرم الله وجه لو كشف الغطاء ما ازددت يقينًا لأن من كشف عنه غطاء الوجود لا يحجبه غطاء المحسوسات الدنيوية عن الأمور الأخروية فبكشف الححب يتخلصون من مرتبة الإيمان إلى مرتبة الإيقان كما قال تعالى: {وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} ولكن هذا خاص أي: يوقنون بالآخرة دون ما أنزل على الأنبياء من الكتب فإنهم لا يتخلصون من مرتبة الإيمان بالله وكتبه أبدًا وهذا سر عظيم وما رأيت أحدًا فرق بين هاتين المرتبتين وذلك لأنه لا يمكن للإنسان أن يشاهد الأمور الأخروية كلها بطريق الكشف في الدنيا وأما بطريق المشاهدة في العقبى فيصير موقنًا بها بعدما كان مؤمنًا كما قال تعالى: {فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ} [ق: 22] فأما ما يتعلق بذات الله تعالى وصفاته فلا يمكن لأحد أن يشاهده بالكلية لأنه منزه عن الكل والجزء فأرباب المشاهدة وإن فازوا بشهادة شهود صفات جماله وجلاله عين اليقين بل حق اليقين ولكن لم يتخلصوا من مرتبة الإيمان بما لم يشاهدوا بعد ولا يحيطون به علمًا إلى أبد الآباد بل ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء. اهـ. بتصرف يسير.